خطابة يوم السقيفة دراسة تداولية في مقصدية القول والأفعال الإنجازية
الكلمات المفتاحية:
فن الخطابة-يوم السقيفة- التداولية- مقصدية القول أو الأفعال الكلامية- الأفعال الإنجازيةالملخص
يسلّط هذا البحث الضوء من وجهة الدرس التداولي على الحوارات والمساجلات القصيرة التي دارت بين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين يوم السقيفة، وهي حوارات ومساجلات تندرج ضمن الجنس الخطابي العام. وتنبع أهمية هذا البحث من ثلاثة جوانب؛ أولهما: خصوصية مقام التخاطب وهو يوم السقيفة؛ اليوم الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلف أصحابه-رضي الله عنهم أجمعين- حول من هو أولى القوم بخلافة المسلمين من بعده، هل المهاجرون أو الأنصار؟ ودارت تحت سقيفة بني ساعدة التي تجمّع تحتها الصحابة حوارات ومساجلات أخذتْ قيمةً تاريخيةً عظيمة، ودلالةً تأسيسية مهمة، وما فتئت محل الاستشهاد والاستدعاء عند وقوع الحوادث المشابهة. وتتمثّل الأهمية الثانية لهذا البحث في خصوصية المنهج التداوليّ ونجاعته الإجرائية في دراسة هذه النصوص؛ لطبيعة هذه الأقوال التي صدرت في مقام جدال وحوار وسجال، فقد كان كلُّ قائل يبتغي إقناع الآخر بأطروحته وخياراته، وقد استعمل المتخاطبون في هذا الفضاء الحجاجي من الوسائل الإقناعية، ومن مسالك تصريف مقاصد القول والتوجيه الخطابي ما يتيح تطبيق هذا المنهج والإفادة من مفاهيمه دون سائر المناهج النقديّة؛ وذلك لطبيعة الخطاب التواصلي والتفاعل القولي الذي وجهته مقاصد المتخاطبين، فبرزت الأفعال الإنجازيّة بوصفها الركيزة الرئيسة في هذه الدراسة، وحاول البحث جاهدًا تتبّع مقاصد هذه الأفعال والكشف عن وظيفتها التواصليّة والمقصديّة، واكتفى بها دون الآليات التداوليّة الأخرى من مقام وسياق وافتراض مسبق وغير ذلك من الأدوات التي يمكن أن يعالج بها هذا الخطاب في دراسات أخرى مكملة لهذه الفكرة. أمّا الأهمية الثالثة فتتمثّل في أنّ هذه النصوص ذات خصوصية في النثر العربي القديم؛ لكونها لأناس من فصحاء العرب وبلغائهم، وهم الصحابة الأجلاء، الذين تشبعوا بالخطاب القرآني وبأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وأرجو أن أضيف بهذا الدرس جديدًا، وأفتح به بابًا لقادمين ليعطوا هذه النصوص حقّها من النقد والتحليل؛ سيّما أنّها لم تنل حظّها بعدُ من أقلام الباحثين.