جماليَّات التناسب في جزء الذاريات دراسة بلاغية تحليلية
الملخص
تعدَّدت وجوه الإعجاز في القرآن الكريم، وتنوعت الأسباب التي جعلته مبهراً للناس في كل زمان ومكان، فتوجَّهتْ جهود العلماء للكشف عن بعض هذه الوجوه ودراستها، رغبةً في الوصول إلى شيء من عجائبه وأسراره، ولا شك أنَّ الوجه البلاغي كان من أبرز تلك الوجوه، فنال النصيب الأكبر من اهتمامهم، إذ طفقوا يتأملون في ألفاظه وتراكيبه وطريقة نظمه، ويستجلون ما أمكنهم من أسراره البلاغية وجمالياته البيانية.
ويمثل التناسب في القرآن مدخلاً مهماً من المداخل التي تكشف عن مدى بلاغته وقوة فصاحته، حيث جاءت سوره وآياته في أعظم ترتيب وأجمل تنسيق، إذ يرى المتأمل أنَّ كلَّ سورةٍ جاءت في مكانها المحكم، وكلَّ آيةٍ في موضعها الدقيق، إذ لا يمكن لأحد أن يغير مكان سورة أو يبدل موضع آية إلا حصل الخلل وضاع المعنى وامتنع المراد عن الأفهام.
وتأتي هذه الدراسة التي تتغيا الكشف عن شيءٍ من جماليات التناسب القرآني، وتحاول أن تفصح عن لمحاتٍ من عظمته وبلاغته، وتسعى إلى تلمس بعض أسرار ترتيبه وعجائب نظامه، من خلال اختيار جزء الذاريات الذي يضمُّ مجموعةً من السور الكريمة، والوقوف عند جماليات ترتيبها وأسرار تواليها، وتجلية ما بينها من صلاتٍ ووشائج، كما تتوجَّه الدراسة إلى بيان عجائب النظام في السورة الواحدة، من خلال النظر في ترابط مشاهدها، والتأمل في صلة أولها بآخرها، وصلة كل ذلك بموضوعها ومقصودها العام.
ومِن أهمِّ النتائج التي جلَّاها البحث: معايير المفاضلة بين الدلالات الصرفية للكلمة، ومنها أيضًا: أنَّ دلالة المصدر أكثر الدلالات احتمـالًا في القرآن الكريم.