روميات أبي فراس الحمْدَاني: دراسة في الموضوع والرؤية والتجربة
الملخص
يُعَدُّ أبو فراس الحمداني (320 – 356هـ) واحداً من أهم شعراء المرحلة العباسية، وقد تفرد هذا الشاعر في الذاكرة العربية بميزات استثنائية يندر أن تجتمع لرجل واحد؛ فهو شاعر مُجيد، وفارس مغوار، وأمير شريف من أمراء بني حمدان، وهذه الصفات أسهمت بشكل مباشر في صياغة شخصية إنسانية متفردة، ظلت خالدة عبر التاريخ العربي الطويل.
وحين يُذكر أبو فراس شاعراً، فإن الذاكرة تستدعي سريعاً قصائده الخالدة التي قالها حين وقع أسيراً لدى الروم في إحدى المعارك الجهادية التي كان يقودها لصالح ابن عمه سيف الدولة الحمداني، تلك القصائد التي اصطلح على تسميتها بالروميات، بالنظر إلى البيئة التي قيلت فيها؛ حيث نظمها أبو فراس وهو يرزح في ذل الأسر لدى الروم، واصطبغت بها روحه الوثابة، وظهرت فيها عزة الفارس الأمير، وضعف الشاعر الأسير، وتفردت بشعور إنساني عميق، منحها الخلود والذيوع في الذاكرة الإبداعية العربية.
إن هذا البحث يحاول أن يعيد قراءة الروميات، مستعرضاً موضوعاتها ومضامينها، ومحاوراً رؤيتها الشعرية، ومختبراً تجربتها الإنسانية العميقة، وتوقدها العاطفي الصادق، ومنطلقاً في سبيل ذلك من عتبات معرفية لها أهميتها وضروريتها، أُولاها تعطي لمحة موجزة عن الدولة الحمدانية التي ينتسب إليها أبو فراس، والثانية تتجه إلى أبي فراس نفسه؛ تعريفاً به، وعرضاً لحياته، والثالثة تستنطق الروميات، محاولة عرض جملة من المعلومات عنها، كالمصطلح، والقيمة، ودواعي النظم.