موقف علماء المسلمين من النصرانية أبوالعباس القرطبي وكتابه "الإعلام" أُنموذجاً
الملخص
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الإسلام ما أن بزغ فجره حتى تمالأ عليه أهل الباطل؛ للنيل منه ومحاربته بشتى الطرق، التي من أبرزها إثارة الشبه عليه والتشكيك فيه، وخاصة من أهل الكتاب، والنصارى منهم على وجه التحديد، فتتطلب ذلك مقارعة الزيف الهجين بالحجة واليقين وإظهار الحق المبين.
وبما أن ذلك لا يتحقق إلا بالمجادلة والحوار أولى علماء المسلمين هذا الأمر جلّ اهتمامهم وعنايتهم فسطروا في ذلك المصنفات ممتثلين أمر الله تعالى في قوله: (ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) [العنكبوت:46]، وارتفعت حرارة ذلك الجدل العقائدي، وأذكيت ناره، وأشتد أواره، حتّى أصبح لهذا المضمار فرسان معروفون سطروا بسيوف بيانهم أروع المصنفات في الدفاع عن حياض الإسلام والدعوة إليه.
وكان من واسطة ذلك العقد الفريد كتاب "الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام"، لأبي العباس القرطبي (ت656هـ)، الذي نال شهرة واسعة، ومثل صورة مشرقة للجدل الديني بين الإسلام النصرانية، لجملة من الأمور التي امتاز بها، فكان هذا الكتاب مادة هذا البحث، أتناول من خلاله التعريف بالمؤلف، وكتابه، وتحقيق نسبة الكتاب إليه، ثم أقوم بدراسة موقفه من النصرانية في الجوانب التالية: (الإلهيات، والنبوات، والكتب، والتشريعات، بالإضافة إلى إثبات نبوة بينا محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان محاسن الإسلام)، وذلك وفق مادة الكتاب ومضمونه موضوعاً وترتيباً، وقد تم ذلك من خلال خطة تكونت إجمالاً مقدمة وخمسة فصول وخاتمة وفهارس.