إنساء الله الناس شيئا من القرآن بين الجواز والوقوع
الملخص
تناول البحث قضية مهمة من قضايا الدين، ومشكلة من مشكلات علوم القرآن،نشأت عن سؤال دعت له آثار بعضها عن النبي e وبعضها عن الصحابة، وهذا السؤال هو: هل نزل قرآن وقرئ وحفظ وثبت بين الناس ثم رفع من ذاكرة من حفظوه جميعهم، مرة واحدة، رفعا تاما حتى ما عاد يتذكر أحد منه شيئا؟ هذه القضية مهمة لصلتها بقضية كبرى من قضايا الدين وهي ثبوت القرآن، وعلى الرغم من كثرة ما كتب فيها إلا أن باب الحديث فيها ما زال مفتوحا، لكثرة الخلاف فيها وقوة الأقوال ووجاهة الأدلة.
من خلال الدراسة وجدت أن النسيان في اللغة – وهو ما يحدد المعنى في القرآن- يطلق على الذهاب من الذاكرة، وعلى الترك. ووجدت أنه يطلق في القرآن كذلك، ومن هنا اختلف العلماء في معنى النسيان في قوله تعالى: ﮋ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﮊ [البقرة: 106]، على أقوال أشهرها: الذهاب منها الذاكرة، ومنها الترك، ومنها التأخير، والذي ترجح لدي أن النسيان في الآية بمعنى الذهاب من الذاكرة، وعليه فإن الآية دليل على وقوع نسيان من الناس جميعا لشيء القرآن نسيانا تاما، بمعنى أن هنالك قرآنا نزل ثم رفع من ذاكرة من حفظوه، ولم يبق منه شيئا، وهذا ليس ممتنعا لا نصا وعقلا، لا بالنسبة للناس ولا للنبي صلى الله عليه وسلم،وقد ثبت لي وقوع هذا النوع النسيان فعلا، ويدل على ذلك آثار صحية بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضها عن الصحابة.