تلبس الشيطان بالإنسان ودلالة القرآن على ذلك – دراسة عقدية -
الملخص
يتناول هذا البحث مسألة تلبس الشيطان بالإنسان، والقول بأن الشيطان يتلبس بالإنسان هو من عقيدة السلف كما ذكره غير واحد من المفسرين . وإنكار التلبس قول المعتزلة . وأهل السنة متفقون على إمكانية التلبس وحصوله، إلا بعض المتأخرين من أهل السنة ممن تأثر بقول المعتزلة.
وجمهور المفسرين على القول بإثبات المس ، بل كثير منهم لم يعرض إلا هذا القول ، ومن عرض للقول بالمنع قرن ذلك بذكر القول بالجواز . ولم أقف على مفسر اقتصر على ذكر القول بالمنع دون الإشارة إلى القول بالجواز ووقوع ذلك حقيقة . وأول من ذكر الخلاف في المسألة من المفسرين – حسب اطلاعي – هو الماوردي في تفسيره .وأول من ذكر المفسرون إنكاره للمس هو أبو علي الجبائي .
وأول مفسر أنكر الصرع ممن وقفت على تفاسيرهم هو الزمخشري وتبعه على ذلك البيضاوي وأبو السعود والطبرسي والشربيني. والرازي يمكن القول بأنه يميل إلى قول المنكرين للمس.
والآية تدل على أن الصرع يكون من الجن ، وهي دليل على فساد من أنكر ذلك . واستدل المثبتون على صحة ما ذهبوا إليه بأدلة كثيرة متنوعة من القرآن والسنة والعقل والحس والمشاهدة . وبينوا بطلان أدلة المنكرين أو عدم دلالتها .
وتبين أن الآية دليل صحيح وواضح على مس الشيطان للإنسان ، وهذا الفهم قال به الصحابة ممن روي عنهم في ذلك، ولم يروى عن أحد منهم خلافه .والمنكرون لدلالة الآية على مس الشيطان للإنسان هم في الحقيقة مخالفون لما عليه الصحابة ، ولما أجمع عليه أهل السنة والجماعة واتفقوا عليه . موافقون للمعتزلة أو ممن تأثر برأيهم ومذهبهم في هذه المسألة .