معالــم الإخـــلاص في ضـــوء ســورة الزمـــر
الملخص
لقد ارتقى القرآن الكريم بالنفس الإنسانية في أعلى مراتبها، وسعى لإصلاحها وتهذيبها عما يشوبها، ويكدر صفوها، وعمل على ربطها بخالقها، التزاماً بشرعه القويم، قولاً وعملاً واعتقاداً، وأكد الكتاب العزيز أن قبول الأعمال مرهون بـ(الإخلاص) للمولى الكريم، فلا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الله تعالى، صواباً وفق سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ولذا جاءت سياقات من آي الذكر الحكيم داعية إلى (الإخلاص) لله جل في علاه، محذرة مما يضاد ذلك المقصد المكين، والأس المتين، مما يحبطه أو ينقصه . وقد تناول البحث سورة قرآنية أكدت على موضوع (الإخلاص لله تعالى)، وهي سورة (الزمر)، والتي طالما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها في لياليه ؛ لما انطوت عليه من تقرير هذا الأصل الأصيل، وما أولته إياه من العناية والاهتمام.
هذه السورة العظيمة الشأن والمكانة، التي تأخذ بمجامع القلوب، وتوقظها من الغفلة، وتثير فيهاالوجل والخشية من علاّم الغيوب ؛ لعظمة معانيه وحقائقها، وعظاتها وعبرها.
فمقصد السورة والمحور الذي تدور عليه: (الإخلاص لله تعالى)، وقد عرضته السورة بأساليب متعددة: فتارة بالأمر الصريح، وأخرى بالنهي عن ضده، وحيناً بضرب المثل العقلي للمفارقة بينه وبين نقيضه، ومرة بتعزيز مفهومه وقيمته، وموطناً بذكر مايدفع لتحقيقه من التفكر والتأمل في ملكوته ... وغير ذلك من صور تقريره، مما يعمق التأكيد على أهمية الإخلاص، وحضور معناه ؛ ليكون رائدنا في كل الأحوال.